المؤرخ الحقيقي صانع للحقيقة وليس مجرد ناقل للحدث التاريخي

بين الحدث وأسباب وقوعه فرقٌ شاسع، وبين الحدث وكيفية وقوعه أيضا ثمة فرقٌ، ومن يَرِد أن يسجل اسمه مؤرخاً لأحداث بلاده أو بلاد أخرى، وفي أي مجال من مجالات الحياة، فعليه أن يعي الفكرة الأساس في هذا الجانب، وهي أن مجرد تدوين الحدث بصورة مجردة، لا يصنع منه مؤرخا، بل سيعتبر الشخص، هنا، مجرد ناقل للحدث، في حين أنه يحتاج لتعليل الحدث أولا، ولشرح الكيفية التي وقع فيها ثانيا، وبحياد مطلق، ليغدو مؤرخا حقيقيا.

والحقيقة أن تاريخنا العربي لا يحفل بالكثير من المؤرخين المحايدين، بل قل إنه ما من حدثٍ تاريخي أجمع على تفاصيله (أسبابه ومبرراته ومجرياته) كتابان أو مؤرخان، إذ غالبا ما وقعت أقلام “المؤرخين” تحت أيدي السلطات الحاكمة، سواء في العصور القديمة، أو الوسطى، أو حتى العصور الحديثة والحقب الأخيرة، وصولا إلى ما نحن عليه اليوم من وضع. ويكفي الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم، تعج بالتعليقات الساخرة، من المحيط إلى الخليج، حول أي واقعة تاريخية يتم تناولها، وكم قرأنا لساخرين من الجمهور العربي يقولون عن واقعة قديمة:” كيف نصدّق هذه التفاصيل وتاريخنا الذي حدث قبل أسبوع لم نتفق عليه حتى الآن”!

حقيقةً، هذه المشكلة لا بد من إيجاد حل لها، فالأمة التي تحترم نفسها هي الأمة التي تملك تأريخا حقيقيا، لنقل أرشيفاً باللفظ المحبب لعشاق التاريخ. وعلى ذلك، تتصدى أكاديمية كن الرائدة في الشرق الأوسط في مجال دورات الأونلاين للمهمة، وتطلق دورة تدريبية بعنوان “كن مؤرخا” وتخصص لها الدكتور أحمد برقاوي، الأستاذ في جامعة دمشق في قسم التاريخ، والمعروف بإلمامه بالتأريخ وأصوله، ليشرف على تقديم الكورس محاضرا بالطلاب، وبصيغة الأونلاين المبسطة، بحيث يلقي الكورس على الطلاب فيتلقونه في بيوتهم سواء عبر جهاز الموبايل أو أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم، وذلك تطبيقا لآلية التعليم عن بعد، أو التعليم عبر الإنترنت، والتي شاعت منذ اندلاع أزمة وباء الكوفيد 19.

يقول البرقاوي إن المؤرخ صانع للحقيقة وليس مجرد ناقل للحدث التاريخي، ويعترف، بعد خبرة عقود كأستاذ جامعي، بأن منطقتنا العربية تحتاج لمؤرخين ليخلّصونا من الأخبار الزائفة والتعليلات الكاذبة.

وفي الكورس الذي سيلقيه البرقاوي على الطلاب سيجد الطالب نفسه، يتعلم تلقائيا، كل ما يتعلق بعلمي التاريخ والتأريخ، وأهم ما في ذلك العوائق التي تعترض دراسة التاريخ والوقائع التاريخية، والعوائق التي يتعرض لها المؤرخ الحقيقي، وسيتعرف إلى ماهية المؤرخ وعلاقته بالعلوم الإنسانية، وسيعرف كيف يكتب السيرة الذاتية. كما وسيتعلم كل المفاهيم الضرورية لعلم التاريخ، وسيعرف إلى كل الفوارق الجوهرية بين علمي التاريخ والتأريخ، وسيعرف كيف يتحقق من الواقعة التاريخية، وسيرتكن إلى المحاكمة العقلية قبل أن ينقل الواقعة. سيعرف في هذا الكورس أن كل ما لا يقبله العقل يُرفض.

ناهيك عن الكثير من المهارات التي سيحصل عليها، فأكاديمية كن معلومات ومهارات معا، ومن بين المهارات مهارة التعامل مع العوائق والصعوبات، ومهارة الموضوعية والحياد مهما كان ذلك صعبا، ومهارة المحاكمة العقلية، ومهارة البحث والتدقيق، ومهارة الربط والاستنتاج العلمي.

في هذه الدورة والممتدة لثلاث ساعات، سيخرج الطالب وقد وضع قدمه في الخطوات الأولى في مجال التأريخ، ولا نبالغ إذا ما قلنا بأن الكورس كفيل بأن يصبح هذا الطالب، خريج هذه الدورة، مؤرخا، لأن العلمية والمنهجية تحكم الكورس، علما أن كن تقدم هذا الكورس باللغة العربية، وسيحصل كل طالب في نهايته على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية كن نفسها والمعترف بها في الشرق الأوسط.