اتصل بنا

إبداع

ما هو فن الدوبلاج الصوتي؟ وما هو الفرق بينه وبين الترجمة أسفل الشاشة ؟

تعريف فن الدوبلاج:

فن الدوبلاج هو تركيب صوت على آخر، ويختلف عن فن الترجمة بشكل كامل، ويُعمل فيه في الأفلام والمسلسلات، إذ يتم استبدال صوت ممثل أصلي بصوت شخص آخر يؤدي صوته بلغة أخرى ومختلفة.

أما اصطلاحا، فهو مصطلح فرنسي (doublage) ويشير إلى تسجيل الأصوات أو استبدالها في الأفلام أو المسلسلات. أما في اللغة الإنكليزية فهو المعنى للفظ (dubbing).

تاريخ الدوبلاج:

ورد في قاموس التلفزيون الأوروبي، مقره باريس، أن أول عملية دوبلاج تمت كانت في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، تحديداً في عام 1928، وذلك مع بدايات السينما الناطقة. وجاء في ذلك الأرشيف أن هذه الفكرة ولدت كبديلة لفكرة ترجمة النص أسفل الشاشة (سنقارن في هذا المقال بين الدوبلاج والترجمة أسفل الشاشة).

وبرغم الإبهار الذي حققته الخطوة آنذاك، كان لها سلبيات إلى جانب المحاسن، ولعلنا نوجزها بالتالي:

ففي الإيجابيات وفّر فن الدوبلاج على المخرجين والمنتجين موضوعا شاقا في تلك الفترة، وهو إعادة إنتاج فيلم أجنبي (تم شراؤه) وتصويره مرة أخرى في بلدهم وبلغتهم بما يترتب على ذلك من استحقاقات مادية لممثلين وفنيين.. إلخ، فجاءت فكرة الدوبلاج لتلغي التصوير الجديد للفيلم والإبقاء على النسخة الأصلية بإعادة ترتيبها وفق الصيفة المحلية للبلد المشتري.

أما في السلبيات فإن فكرة الدوبلاج جاءت أكثر تكلفة من الطريقة السابقة (ترجمة النص أسفل الشاشة) وهذا ما سيرد تفصيلاً في هذا المقال.

آنذاك، استطاعت شركات الإنتاج الفرنسية الإتيان بأفلام ألمانية وإيطالية وأمريكية، وقامت بتركيب أصوات الممثلين المحليين على أصوات الممثلين الأجانب وعرض الأفلام بشكل تقني أكثر قرباً من عملية الترجمة في أسفل الشاشة، ولذلك حقق هذا الفن (الدوبلاج) نجاحات كبيرة في فرنسا واليابان وأميركا قبل بلدان أوربية أخرى وبلدان في قارات أخرى.

الدوبلاج والترجمة

يختلف الدوبلاج عن الترجمة بشكل شبه كامل. ويأتي الاختلاف من كون الدوبلاج ليس مجرد تغيير صوت بل هو فن تكوين شخصيات متكاملة لها نفس الإرادة ونفس الحركة ونفس الروح ونفس الفكر (من النواحي الفنية طبعاً)، بينما الترجمة تفتقد لكل هذه القيم والعناصر، فالدوبلاج يتطلب إحساساً مرهفاً، بينما الترجمة لا تعدو كونها نقلا من لغة إلى لغة أخرى ومن وضع الثبات دون الحاجة إلى روح وإرادة وحركة وفكر.

كما أن الدوبلاج يفرض على المؤدي متابعة حركة الشفاه وتوقيت الكلمة التي ينطق بها الممثل، فضلاَ عن استخدام نفس الطبقة أو النبرة للصوت حتى يخال للمشاهد أن الممثل الذي أمامه على الشاشة هو من يتحدث باللغة المحلية للمشاهد نفسه وهذا لا يتوفر في إطار عملية الترجمة أسفل الشاشة التي لا تختلف بشيء عن عملية الترجمة المكتوبة الخالية من الأحاسيس والمبنية على مهارة نقل اللغة وحسب.

الدوبلاج في العالم العربي

وفي عالمنا العربي بقينا أسرى للدوبلاج لعقود وبخاصة ( في عالم الطفل) وحتى بعد إطلاق قنوات خاصة للأطفال، ولكن ومع أواخر العقد الأول من الألفية الجديدة انتقلت العدوى للكبار وبدأت المسلسلات المدبلجة من جنسيات عدة وخاصة التركية تغزو الشاشات العربية، وذلك حين أجاد نجوم كبار في الدراما السورية تركيب أصواتهم ومشاعرهم على أصوات ومشاعر ممثلين أتراك فانطلقت موضة لمدة عشر سنوات متتالية بات فيها المسلسل التركي المدبلج متفوقا على سائر الأعمال العربية من حيث المشاهدات باستثناء الموسم الرمضاني، وبذلك أصبحنا في العالم العربي، كباراً وصغارا،ً جمهوراً لفن الدوبلاج مع طلب المزيد.

بدأ فن الدوبلاج في العالم العربي منتصف الأربعينيات في دول المغرب العربي، وذلك من خلال دبلجة أفلام هوليود إلى الفرنسية، وفي السبعينيات كانت شركة ديزني أول شركة أمريكية تدبلج أفلاماً إلى العربية الفصحى في أوستوديوهات خاصة في القاهرة وبيروت. وحتى نهاية الألفية الثانية، كانت أفلام الكرتون هي الأكثر ترويجاً لفن الدوبلاج في العالم العربي، إذ أن مختلف مسلسلات هذا النوع كانت مدبلجة عن لغات أخرى، واشترك في دبلجتها كبار الفنانين، الأمر الذي أدى إلى نجاح كبير لهذا الفن، وظلّ الأطفال هم الجمهور الأكبر بفن الدوبلاج دون أن يدركوا أنهم كذلك، وشكّلوا بشغفهم بمسلسلاتهم الكرتونية المدبلجة مجتمعاً خاصاً صُرفت مليارات الدولارات لأجله.

مراحل عملية الدوبلاج:

تمر عملية الدوبلاج بعدة مراحل وخطوات نستعرضها كالتالي:

1-     تقوم الشركة التي اشترت الفيلم الأجنبي بترجمة النص إلى اللغة المحلية.

2-     تكلف الشركة فريقاً آخرَ بإعداد النص لغوياً بما يميزه عن النص الحرفي الأصلي.

3-     تقوم الشركة بإعادة صياغة النص بما يتناسب والمجتمع المحلي.

4-     يتم بعدها الانتقال إلى الأوستوديو والبدء بعملية الميكساج.

عملية الميكساج

من أهم المراحل في عملية المونتاج ولا يمكن لدوبلاج أن يتم ويصبح جاهزا بدون ميكساج، وهي عملية تقنية باتت أساسية في كل أنواع الفنون التلفزيونية والسينمائية.

مراحل عملية الميكساج:

تمر بمرحلتين، ولكنهما تستنفدان كل الوقت والجهد لدى الجهة المنتجة، وبدونها لا يمكن للدوبلاج أو يظهر كما أسلفنا، وذلك وفق الخطوتين التاليتين:

أ‌-      تنزيل الصوت المحلي على الصوت الأجنبي.

ب‌-    إضافة المؤثرات الصوتية الموجودة أساساً في النسخة الأصلية.

ومن الضروري التأكيد على أن عمليتي الدوبلاج والمكساج تحتاجان الى وقت طويل وصبر وهدوء، فهما عمليتان لا تعترفان بشيء اسمه السهولة أو البساطة، بل يمكن إيجازهما بتعبير بسيط يفيد بأنهما بديلتان عن تصوير فيلم سينمائي كامل أو مسلسل تلفزيوني كامل واقع في عشرات وربما مئات الحلقات.

 

نوعية الممثلين في الدوبلاج:

قد يظن الجمهور العادي أن فن الدوبلاج لا يحتاج إلى الكثير من المهارات والبراعة في تأدية الأصوات، وقد يعتقد الكثيرون أن أي شخص يمكنه أن يركّب صوته على صوت ممثل أجنبي. إن في هذا خطأ كبيرا، بل إن هذه الفكرة تحديداً كادت أن تقضي يوماً ما على فن الدوبلاج وللأبد، ففي المراحل الأولى لظهور فن الدوبلاج في فرنسا، ولسنوات طويلة، بقي هذا الفن ضعيفاً ولم يتقبله الجمهور، كون المؤدين له كانوا من الهواة الذين يكتفون بتحريك ألسنتهم وشفاههم دون انسجام مع الشخصية، ولكم الإنقاذ جاء لاحقاً بعد الاستعانة بفنانين محترفين يجيدون التمثيل حركةً وصوتاً فأنقذوا هذا الاختراع وطوروه حتى أصبح فناً قائماً بحد ذاته، لذا فإن فن الدوبلاج يحتاج إلى ممثلين بارعين. وفي السنوات الأخيرة برز الممثل العربي من فئة النجوم، في المسلسلات المدبلجة، الأمر الذي أدى إلى نجاح هذا الفن في المنطقة العربية.

الدوبلاج والترجمة أسفل الشاشة:

الترجمة أسفل الشاشة، هي الطريقة الأولى التي اعتمدت فيها عملية نقل الأصوات من لغات أجنبية إلى محلية، قبل أن يزاحمها الدوبلاج في العام 1928، وتقوم على ترجمة النص وكتابة ما يقوله الممثلون في أسفل الشاشة، إلا أن هذه الطريقة ورغم أنها مازالت مستمرة، تواجه الكثير من الاعتراضات ولا يجبذها الجمهور حتى يومنا هذا ولعل أبرز مشكلاتها الآتي:

  • لا تُكتب كل كلمات الجمل أو العبارات التي يقولها الممثل بل تعتمد على تلخيص الفكرة.
  • توضع الترجمة أسفل الشاشة بشكل مكثف وسريع وموائم لسرعة الممثل في الكلام مما يفقد المشاهد القدرة على قراءة الأفكار بالكامل.
  • تشتت ذهن المشاهد بين متابعته للممثلين وبين قراءته للترجمة الأمر الذي يفقده الكثير من المتعة التي يريدها من الفيلم.

لذا جاء الدوبلاج كحل شامل لهذه المشاكل وبالرغم من ذلك بقيت طريقة الترجمة أسفل الشاشة منتشرة وبكثرة وربما أكثر من فن الدوبلاج، وبخاصة في عالمنا العربي، ولذلك سبب واحد وهو التكاليف المادية العالية للدوبلاج حيث تحتاج الشركة الشارية للفيلم الى عدد من ممثلي الدوبلاج مساوٍ لعدد الممثلين في الفيلم، وسيترتب عليها أجور لكل ممثل على حدى، بينما في طريقة الترجمة أسفل الشاشة لا تحتاج الشركة الشارية سوى إلى مترجم للنص وكاتب للأفكار الرئيسية وللجمل، ووضعها أسفل الشاشة.

أكاديمية كُن وفن الدوبلاج:

من جهتها أطلقت أكاديمية كن الرائدة في الشرق الأوسط في مجال دورات الأونلاين التدريبية دورة تدريبية خاصة تحمل عنوان ” فن الدوبلاج “، وذلك بإشراف الأستاذ والمحاضر مأمون عمر رفاعي، وعلى مدى قرابة الثلاث ساعات بهدف نشر هذا الفن في المنطقة العربية على نطاق واسع.

وتكفل أكاديمية كن للمتدربين الخروج من هذه الدورة وقد أصبحوا بارعين في عالم الدوبلاج وجاهزين للمشاركة في مسلسلات وأفلام مدبلجة، علماً أن كل متدرب سيحصل في نهاية هذه الدورة على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية كن والمعترف بها في الشرق الأوسط.

 

Continue Reading