اتصل بنا

إعلام

ما من صحافة من دون تحرير صحفي

التحرير الصحفي، هذا الفن الذي ذهبت إحدى المعاهد الأميركية قبل عقدين بعيدا في توصيفه، حين حاولت الترويج لفكرة أفادت بأنه بات عِلما بحد ذاته، قبل أن ينقلب أحد منظري الفكرة نفسها على الأمر ويستكين إلى وصفه بأنه “فن”، ذلك أن اعتبار التحرير الصحفي علماً يعني فصله عن الصحافة وهذا مستحيل في الصورة والمضمون.

 

ما من صحافة من دون تحرير صحفي، لا بل إن الصحافة، بكل ما نراه فيها، هي تحرير صحفي، أيا يكن النوع الذي نقرؤه (خبر، مقال، زاوية، عمود، تحقيق، مقابلة… إلخ) بالتالي، نحن أمام النوع الصحفي الشامل لمعنى الصحافة من مجرد فتحنا صحيفة لقراءتها، أو مذياعا للاستماع له، أو قناة تلفزيونية لمشاهدتها، أو موقعا إلكترونيا لتصفحه، فالتحرير الصحفي يعني صحافة، والصحافة، في أكثر من ٩٠% منها، هي تحرير صحفي ولم يعد من مجال للشك في ذلك، برغم التطور الذي طرأ على كل تفصيل في الصحافة والنظريات المحدثة التي أتت بها مراكز البحوث في العقود الثلاثة الاخيرة.

 

في التحرير الصحفي مبادئ وثوابت لا يمكن تجاوزها، فحين تصل إلى مرتبة محرر صحفي فاعلم أنك أصبحت صحفيا شاملا لكل ما يتعلق بالصحافة المكتوبة، ولكن أن تجيد كل أقسام العمل الصحفي ولا تجيد التحرير الصحفي فهذا يعني أنك لم تصبح صحفيا مكتملا. إذ بإمكانك أن تصبح مراسلا تزود وسيلتك بالأخبار العاجلة، وبإمكانك أن تصبح مدققا لغويا متخصصا باللغة الصحفية، ولكن هذا غير كاف لتصبح الفنان الصحفي الذي يشد القراء إلى قلمه بتحريره للخبر أو للموضوع المطروح.

في التحرير الصحفي ثمة مبادئ وأساسيات لا يمكن تجاهل أي منها، وبمجرد أن تتقنها تكون قد أتقنت التحرير الصحفي بشكل تام.

يقسم التحرير الصحفي إلى أقسام، سواء كنتَ تحرر خبرا صحفيا، أو تكتب مقالا، أو تحقيقا، أو أي نوع آخر، والأقسام، هذه، مستقلة عن بعضها، ولا يمكن دمج أحدها بآخر، إذا لدينا العنوان والمقدمة والجسم والخاتمة، وكل قسم من تلك الأقسام له أصوله ومبادئه.

 

العنوان:

العنوان، يؤخذ كعبارة جذابة من داخل الموضوع المطروح في الخبر الذي عليك تحريره، وله شروط ومبادئ أبرزها أن يتقدم الاسم على الفعل، وأن يستخدم الفعل المضارع تحديدا، وأن تكون العبارة قصيرة مختصرة بحيث تعطي الفكرة عن الحدث ولكن دون إيضاح كامل. وفي العنوان نتجنب علامات الترقيم إلا إذا كانت في آخره (الاستفهام والتعجب).

 

المقدمة:

الفن لديك في التحرير الصحفي سيبدأ من المقدمة، ويتوجب أن تكون استباقية للحدث المطروح، وشاملة) بكلمات مختصرة (لمعظم تفاصيله. والأهم أن تجيب بنفسك عن ستة أسئلة في عبارات المقدمة) ماذا، أين، متى، كيف، لماذا.. الخ (وقد يكتفى بأربعة أسئلة على أقل تقدير. كما يشترط القصر وعدم الإطالة فيها وعدم الشرح والتفسير فهذان ليسا من مهام المقدمة.

 

الجسم:

أما في جسم الخبر، أو التحقيق، أو المقال، فتتكدس التفاصيل، الدقيقة والعريضة، ويكون دور المحرر، كفنان، صياغتها بأسلوب جاذب، وترتيب الجمل والأفكار، وترك فاصلة بين فقرة وأخرى، وبين عبارة وأخرى، بما يؤدي إلى الخروج بمادة صحفية تجعل القارئ يعيش الأحداث كما لو أنه أحد الشهود عليها.

وفي الجسم، ينبغي التركيز في الأمور الجمالية، وأهمها علامات الترقيم التي تفصل بين جملة وأخرى وعبارة وغيرها.

 

الخاتمة:

أما القسم الأخير فهو الخاتمة، وهذه، عادة، تأتي مختصرة وأقل من المقدمة، وغالبا تعنى بذكر خلفية الحدث، أو للتعريف بشخصيات فاعلة فيه ما لم تكن من المشاهير.

 

ببساطة، بات التحرير الصحفي فناً قائما بحد ذاته، وحاول البعض تصنيفه بأنه علم، والثابت أن صحافة بلا تحرير ستفقد صورتها واسمها، فلا صحافة بلاعناوين ومقدمات وخاتمات وبلا جسم، ولا جسم بلا مقدمة، ولا مقدمة وعنوان بلا جسم.. وهكذا.

Continue Reading