كم من شخص في هذا العالم يتمتع بخيال واسع وفسيح لكنه لا يجيد كتابة الرواية؟ وكم من الأشخاص امتلكوا مخزونا هائلا عن أحداث تصلح لأن تتحول لقصص أو روايات لكن مَلَكة الكتابة والتأليف لم تنزل عليهم؟ وكم من أشخاص، نعرفهم تماما، حاولوا الكتابة ونجحوا في طرح التفاصيل الجذابة لكنهم اصطدموا بنقاد أو أساتذة أحبطوهم عند التقييم وكانت الذريعة عدم إجادتهم للبناء.. البناء القصصي أو الروائي، فذهب بهم الإحباط إلى الإقلاع عن المحاولة لاحقا؟
كان لا بد من مدارس لتعليم فن الرواية، وبخاصة في شرقنا الساحر الذي يعجّ بالقصص الحياتية بحكم التداخل الاجتماعي الذي يفتقده الغرب إلى حد ما. ولكن طال الزمن ولم تولد هذه المدرسة.
إلا أن الانفراج أتى أخيرا، وبالتحديد عبر أكاديمية كن الرائدة في مجال الدورات التدريبية في الشرق الأوسط، لتحل المعضلة، وتطلق دورة تدريبية “أونلاين” وبإشراف مدرب عالمي تخصص في كتابة وتعليم فن الرواية والقصة، وبأسلوب التعليم عن بعد أو التدريب المنزلي والمسمى بالتدريب الذاتي الذي يقوم على التعليم عبر الإنترنت بصورة تامة.
فن كتابة الرواية، والذي لو تمت العناية به أكاديميا في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو البلدان العربية بالمسمى الوجداني لهذه البقعة الجغرافية، لتم تخريج عشرات المؤلفين في السنة الواحدة يضاهون كبار مؤلفي العالم، فالبيئة العربية أكثر ملاءمة للخيال والإبداع وقد اعترف مستشرقون بهذه الحقيقة.
لذا، وبثقة مطلقة، تقدم أكاديمية كن لدورتها بمفردات تلامس نفس الطالب، وذلك حين تذيع عليه مسبقا، الأشياء التي سيتعلمها في هذه الدورة.
تقول “كن”: سيتعلم الطالب أساسيات السرد القصصي، والطريقة المثلى لبناء السرد القصصي، وطرق التعامل مع الشخصية، والتفضيلات والمزايا المختلفة للشخصيات، والتفاعل ما بين الصراع والعقدة، ومستويات الصراع (داخلي وخارجي)، والنظام القيمي للقصة، وفهم معنى القوة وتوظيفها في القص، والسياق وبناء العالم القصصي، وحدود القصة وعنصري الزمان والمكان، والمهارة في صياغة الجمل والفقرات، ونصائح هامة حول الكتابة.
إن ما سبق في السطور السابقة يشكل بمجمله الفن الراقي والأثير المسمى “كتابة الرواية”، وتحصرها الأكاديمية، من خلال الأستاذ دانييل خوسيه” بساعة وقرابة النصف ساعة، كوقت كفيل وكاف لتحقيق الأمل للطلاب الراغبين في إنجاز عملية التأليف وإدراك الشارع الثقافي في بلدانهم.
أما خوسيه، فيعبر بثقة كاملة هو الآخر، عن إمكاناته التي سيستفيد منها الطلاب، ويقول في بداية تقديمه:” الرواية، حين نتعلمها، سنبث الحياة في القصص، وسنجعل الشخصيات تقفز من الورق إلى الحياة”.
وفي معرض سرده للكورسات التي تأتي للطلاب عن بعد، يكشف عن أهم جانب في الرواية أو القصة، والذي هو “الشخصيات”. يصف الشخصية بأنها أهم شيء يمكن التكلام عنه في فن الرواية.
ويقول:” بناء الشخصية هو الرئيسي في العملية.. الشخصية هي النافذة، والتي تعكس العالم لنا من خلال الشخصيات وحسب”.
المسألة ليست قلما وحسب، بل هي أكثر من ذلك. الأمر يدخل في عالمنا المحسوس غير الملموس. حول ذلك يشير إلى أن فن كتابة الرواية متعلق بشعورنا، وله تحليل وعلم متعلق به.
يواصل خوسيه مع الجانب الأهم في فن الرواية والذي هو الشخصية، ويعترف بأنه لا يوجد علم في العالم يخبرنا بكيفية نجاح الشخصية التي نتناولها. على العكس تماما، فبرغم أننا نحن من نصنع الشخصية، إلا أن نجاحها متعلق بصوتها، صوت الشخصية نفسها:” علينا التعامل مع كل الشخصيات على أنها بشر، وعلينا أن نحب الشخصيات هذه، لكن لا يمكننا شرح أسباب حبنا لها.
الحب يأتي كزاوية أساسية في عملية صياغة الشخصية وبنائها، فهو حساس جدا بحسب خوسيه:”قد نحب شخصيات ذكورية ارتكبت فظاعات ونكتب عنها.. كذلك شخصيات أنثوية!”.
في محور آخر وهو الصراع، سنكتشف أنه إذا كانت الشخصية هي أهم شيء في الرواية، فإن الصراع هو كل شيء. يعرفه خوسيه بأنه العمود الفقري للقصة، وبدونه لا قصة، وبأن تطوره سيقودنا للأزمة، والأزمة هي أهم مرتكزات الرواية.
أما في محور السياق فيرى خوسيه أنه واحد من أهم الأشياء في الرواية، ولكنه أقلها ذكرا، وتأتي أهميته البالغة من كونه مرتبط بالسرد القصصي مباشرة. ويقول مبسطاً المسألة:” بناء العالم القصصي هو السياق”.
المحاور شيقة في هذه الدورة، ويظهر خوسيه يلقي الكورسات وكأنه يروي قصة، فمن قلب الرواية إلى بناء الشخصيات، إلى الصراع، إلى السياق، إلى المهارة… كلها محطات تبعث على الإثارة وتحرض على دخول عالم التأليف.
الدورة تأتي باللغتين العربية والإنكليزية، ويحصل في نهايتها كل طالب على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية كن المعترف عليها في الشرق الأوسط.