مهما يكن من تطورات بلغتها معاهد التمثيل في العالم العربي في عملية تأهيل الممثلين، تبقى الحاجة ماسةً للعمل الأكثر أكاديمية، ذلك بعد أن تبين في مختلف الدول العربية، أن الممثل لا يتدرب في المعهد بل يتعلم وحسب، من ثم يحصل على جرعات التدريب في الأعمال التي يشارك فيها ببداية مسيرته بأدوار ثانوية تصقل موهبته بمرور الزمن.
وفي بحثنا هذا، نبحر مع التجربة الرائدة في الشرق الأوسط في مجال تعليم التمثيل أو إعداده، أو تنمية مهاراته، والتي ظلت طوال عقود مغيبة، برغم الأصوات التي علت مطالبة بقيامها في كل دولة. الاستجابة تأتي، كما درجت العادة، من أكاديمية “كن” الرائدة في العالم العربي في مجال الدورات التدريبية، أو دورات الأونلاين التي توفر للطالب مزايا لا يحصل عليها في الحضور المباشر في مقر الدورات. لعل الأهم هنا أن الكورسات التي تقدم عن بعد، توفر للطالب التعليم عن بعد، أو التعليم عبر الإنترنت، ما يسمى بـ “التعليم الذاتي” والذي لا يجبر الطالب على الحضور الإجباري في موعد محدد، وإنما يتحصل على دورته التدريبية في منزله وفي أي وقت يكون فيه مرتاحا.
الدورة غنية وشيقة وفيها يتألق النجم السوري ماهر صليبي في تقديم كورسات، منها النظري، وأكثرها العملي، إذ يغدق في برنامج التدريب العالمي، الذي أتى به، بالحيثيات والتفاصيل الخاصة بكل شاردة وواردة في عمل الممثل الموهوب، والهدف بطبيعة الحال تطوير مهاراته وتنميتها كما أسلفنا.
أكاديمية كن، في تعريفها عن دورتها، تؤكد أن الطالب سيتعلم في الدورة كيفية تصدير الإحساس، وكيفية فهم النص وتحليله، وكيفية تكوين الشخصية الدرامية، وأساسيات التمثيل. والأهم أنه سيحصل على تدريبات فيزيائية متقدمة على ما تعلمه في المعاهد التي درس فيها التمثيل بعد الثانوية.
أما النجم ماهر صليبي، صاحب الباع الطويل في الدراما السورية ممثلا ومخرجا، فيبدأ بتعريف التمثيل للطلاب ويصفه بالتخصص الاستثنائي الذي أهم ما فيه الصدق، ويعتبره بصورة ما “فن التعايش مع البيئة”.
يسأل صليبي بلسان الطلاب: كيف سأصبح ممثلا؟ ما الشروط لتحقيق ذلك؟ ثم يجيب بدلا منهم بأنه من الضروري واللازم تلقّي كورسات في مجال التمثيل وهذا متوافر وموجود في كل دول العالم.
يدخل صليبي في الجانب النظري لبناء مهارة الممثل ويتناول عناصر خارجية وداخلية تسهم في وجود الموهبة أولا، وتنميتها ثانيا. يبدأ بالخيال الذي هو الفارق الوحيد بين الإنسان الممثل والإنسان العادي. ثم يأتي إلى عنصر “القدرة على الفهم” وهذا يساعد على الإبداع لدى الممثل. ثم يصل إلى عنصر ” القدرة على التأثير والتأثر” فالحياة الفنية مفترضة بكل شيء، أحداثها وشخصياتها وأشخاصها، كلهم مفترضون، لذا فإن القدرة على التأثر ستساعد على التأثير.
ينتقل المدرب السوري إلى التمارين الفيزيائية التي تساعد على تنمية كل شيء عند الممثل، ومنها تمارين للجسد، وأخرى للصوت، والهدف من هذا مواءمة حركة الجسم مع الصوت، فلا حركة بلا صوت، ولا صوت بلا حركة إلا في مشاهد استثنائية. ثم يستعرض تمارين تنفس “شهيق وزفير”، ويختم بتمارين للجسد، من الرأس إلى الأكتاف، ثم الخصر، فالأرجل.
وفي بحث مهم في الكورس، يتناول أهمية المونولوج في التمثيل، والذي هو لغة الشخصية في النص المسرحي، فهو العنصر الأساسي للشخصية التي ستعبر وتفصح عن دواخلها النفسية والباطنية وعن أفكارها. وفي تبرير نشاط المونولوج في النص المسرحي أكثر من أي نوع فني آخر، يجيب صليبي بأن المونولوج في النص المسرحي يتم إلقاؤه بشكل مباشر وطلق بعكس الدراما التي تحتمل إعادة المشاهد.
يركز ماهر صليبي على تفاصيل أكثر دقة مما يتصوره الممثل الهاوي، ويطرح نصائح يجب الأخذ بها. في أبرزها: “عين الممثل هي الكاميرا.. ضرورة التمثيل الطبيعي غير المتكلف.. وضرورة نشاط الممثل رياضيا للحفاظ على رشاقة الجسد وهو شرط من شروط الظهور اللائق كممثل”.
ويتناول علاقة الممثل بالغناء، ويفصّل في بحث خاص “البروفا والارتجال” وأهمية كل منهما، وكذلك تسليط الضوء على الفرق بين الاستلهام والسرقة، ويختم بالتكتيك في التمثيل.
بحر واسع من علوم التمثيل، بخاصة للهواة، في كورس مميز وآتٍ من برامج عالمية يتقنها ماهر صليبي، وذلك في دورة مدتها أقل من ثلاث ساعات، وتقدم باللغة العربية المحكية، علما أنه في نهاية الدورة سيحصل كل طالب على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية كن وأكاديمية فوكس والمعترف عليهما في الشرق الأوسط.