إعلام
الإبداع في فن التحرير الصحفي
ملايين الأحداث تقع كل يوم وفي كل مترٍ من العالم، لكن قلةً منها تتحول إلى أخبار. هذا يعني، بالضرورة، الحصاد الصحفي يومياً حول العالم.
على الشاشات، في الإذاعات، في الصحف، لا نقرأ عن مواطن يشيد منزلاً ليسكنه، وحتى لو بلغ عدد من يبنون بيوتاً خمسة ملايين في الساعة الواحدة، فلا شيء من هذا يهم الصحافة، إلا أن انهيار منزل واحد فوق ساكنيه، سيجعل 99% من وكالات الأنباء والقنوات والإذاعات والصحف ومواقع التواصل، تتناول الخبر وبإسهاب.
هذا يقودنا إلى أن عصرنا هو عصر الخبر، عصر النبأ، عصر كل ما هو جديد في هذا العالم الذي تقلّصت مساحته، من خلال تقلص المسافات بفعل الإعلام قبل أي شيء آخر.
إزاء ذلك، باتت مهنة الصحافة محورية، وحولها تدور مختلف المهن الأخرى. بالتالي، لا بد من تكوين جيل جديد في الصحافة، جيل يجيد صنع الخبر.
صنع الخبر! ما الذي يعنيه؟ بالمؤكد أنه يعني تحرير الخبر، وجعله متاحا لكل الناس.
هل جميع من يكتب في الصحافة يجيد صياغة خبر صحفي مثالي؟ الأكيد لا. لا بد من الخوض في الكيفية التي يصنع فيها الخبر حتى يصبح جاهزا للتداول بعد قراءته.
من هنا، تنطلق أكاديمية “كُن” في مساعيها الحثيثة نحو تطوير كل نطاقات العمل الإبداعي (صحافة، أدب، شعر، فنون، عالم المال، الجمال.. إلخ) وتطلق دورتها الجديدة بعنوان “التحرير الصحفي”.
تقول الأكاديمية في كلمتها المفتاحية عن الدورة إنها مدركة لحقيقة أنه في زمن الانتشار الواسع للإعلام، أصبح إتقان التحرير الصحفي والإحاطة بكامل جوانبه مطلباً للكثيرين ممن يودون دخول ميدان العمل الصحفي.
وتوجز بالقول:” نقدّم دورتنا في التحرير الصحفي بأسلوب مميز ومبتكر، وننفرد في ذلك.. الأسلوب هذا يقوم على التفاعل المباشر بين المتلقي والمعلومة والمدرب”.
ما الذي ينتظره المتدرب في نهاية الدورة؟ تجيب الأكاديمية المرموقة باختصار وثقة واضحين:” سيتعرف الطالب على الخبر بكل أجزائه وتفاصيله، وعلى كيفية صياغته بالشكل الأمثل، وبشكل متقن ودون أخطاء، بداية بالعنوان، مروراً بالمقدمة، ووصولا للخاتمة”.
تضع الأكاديمية نصب أعينها تمكين الراغبين في العمل في مجال الإعلام أن يبدؤوا من أولى المهام في الصحافة، فليس من المحبذ أن نأتي بالصحفي ليعمل مراسلاً ينقل ما يجري وحسب، ولا للمذيع أن يكتفي بتلاوة النشرة المكتوبة أمامه فقط، بل ليبدأ كل شيء بالخبر والنجاح في كتابته بالصورة الأمثل، وليس هذا بعسير على أكاديمية اختارت خبراء في كل مجال للقيام بمهمة التطوير.
المدرب العربي في الدورة والذي اتفقت معه “كُن” هو الإعلامي المعروف موسى الجمل، الذي يعتمد أسلوبا في التدريب قل نظيره. يكفي أن نعرف أن كل دقيقة من عمر الدورة تشهد طرح الأستاذ لأسئلة، وتتعدد الأسئلة وتكثر، ويكون على كل طالب الإجابة وفق ما استوعبه من الدرس. ستجدون تفاعلاً غير مسبوق في عالم الدورات، ولا ضير في أن نكشف هنا عن أن الأسئلة توازي في الزمن الذي تستغرقه، نصف الزمن المحدد للدورة ككل.
في مفتاحيته، يقول الأستاذ موسى إن الروتين لا يهم الناس وليس فيه ما يستحق أن يصبح خبراً. سينطلق موسى من هذه النقطة في إبحاره في عالم الخبر، المهم، والذي يستحق أن ينشر في الصحافة.
يطرح مثالاً:” ذهاب الموظف إلى عمله ليس خبراً.. لكن اصطدام سيارته بسيارة أخرى ووقوع حادث، هو الخبر”. إذاً، الخبر هو كسر لشيء روتيني، أو شيء متطور عن حالة عادية ويومية.
باختصار، كل خبر هو حدث.. لكن ليس كل حدث هو خبر. من هنا يكون الطالب قد تعرّف إلى الخبر الذي يستحق النشر.
ولكن كيف سيحرر الصحفي هذا الخبر الذي هو أهم أنواع الفنون الصحفية؟
للخبر أجزاء بطبيعة الحال. تخيل أمامك صحيفة وتقرأ فيها خبراً. ستجد بالتأكيد عنواناً، ثم مقدمة، ثم تفاصيل، وخاتمة. تلك هي الأجزاء التي يتألف منها الخبر الصحفي. إشارة هنا أنه لا يمكن الاستغناء عن العنوان والتفاصيل المهمة (جسم الخبر) ولا بأي شكل من الأشكال.
العنوان، والذي هو أول أجزاء الخبر، يشترط أن يكون جاذباً، قصيراً، موجزاً، واضحاً. أما الفعل الذي يستخدم فيه فهو المضارع حصراً ومثال على ذلك ” الجامعة العربية تدعو لاجتماع عاجل للدول الأعضاء”.
كما ويشترط أن يبدأ العنوان بالاسم وليس بالفعل والمثال السابق يؤكد ذلك، إذ تقدّم الاسم “الجامعة العربية” على الفعل المضارع “تدعو”.
ويشترط أيضا، ومن أجل وضوح العنوان، عدم تكرار الكلمة مرتين، ومثال ذلك هذا العنوان الخاطئ “مصر تؤكد أن أمن مصر خط أحمر”. الخطأ هو في تكرار كلمة مصر في العنوان، فالسليم أن يقال:” مصر تؤكد أن أمنها خط أحمر”.
يبحر موسى في رحلة العنوان ويشعّبه ليصل إلى تحليله إلى كل مواده الأولية: يحذر من الركاكة، ومن الإغراق في التفاصيل فيه. يؤكد موسى أن العنوان ليس مكاناً لسرد التفاصيل، بل جسم الخبر هو الذي يشهد ذلك.
مع الإشارة إلى أن العنوان لا ينتهي بنقطة نهاية السطر، إذ يكتب بدون علامات ترقيم، وكذلك يستحسن ألا يكثر المحرر من عدد كلمات العنوان، بحيث لا تزيد على ست كلمات، رغم أن ذلك ليس قاعدة، لكنه مستحسن.
يصل موسى إلى المقدمة التي هي مطلع الخبر الذي يلي العنوان. المقدمة أصل الخبر، وتجيب على أربعة أسئلة على الأقل “من، ماذا، أين، متى”. ومثال ذلك المقدمة التالية: قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس الاثنين، في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، إنه سيسحب قواته من العراق، بحلول العام المقبل.
في تلك المقدمة أجبنا أربعة أسئلة:
من: الرئيس الأميركي.
ماذا: سيسحب قواته.
متى: أمس الاثنين
أين: البيت الأبيض
في المقدمة سيتعلم الطالب التركيز في علامات الترقيم، بعكس العنوان الذي لا يحتاج لذلك. فعلامات الترقيم لها أغراض فنية، وأخرى جمالية، وبدونها قد نقرأ نصاً واضحاً ولكن بركاكة لفظية.
وننتقل من المقدمة إلى جسم الخبر وتفاصيله، وهنا يغلب نوع الهرم المقلوب في الصياغة والذي تعتمده معظم مؤسسات الصحافة في العالم، والذي يقوم على وضع قاعدة الهرم في الأعلى ورأسه إلى الأسفل. بذلك سننجح في كتابة الأخبار الأكثر أهمية في الأعلى حيث المساحة الواسعة في الهرم، ثم ننتقل إلى منتصفه حيث تتقلص المساحة فنخصصها للمعلومات الأقل أهمية، لنصل إلى رأسه حيث تضيق المساحة أكثر فأكثر حتى تكاد تتلاشى وهنا نضع المعلومات المعروفة التي لا جديد فيها وتكون غالباً خاتمة الخبر.
معلومات عامة لا بد من الانتباه لها وترد في الدورة بشكل منهجي:
مقدمة الخبر يجب أن تكون قصيرة، تبدأ بفعل ماضٍ (عكس العنوان) وتجيب على أربعة أسئلة على الأقل (ماذا، من، أين، متى).
يجب الابتعاد عن المقدمة القصيرة، وعن المقدمة الطويلة جدا.
لكل خبر كلمة مفتاحية نبدؤه بها. الخبر التحذيري نبدؤه بالفعل “حذّر” والخبر التصريحي نبدؤه بالفعل “قال” والخبر المتعلق بافتتاح مشروع نبدؤه بالفعل “افتتح”.. وهكذا.
في الخبر، مقدمةً أو تفاصيل، نذكر المعلومات المهمة أولا ثم مصادرها، وليس العكس.
الدورة عميقة ومنهاجها عصري ويحاكي آخر ما توصل إليه فن التحرير الصحفي، واللغة العربية هي المستخدمة فيها، ومدتها ساعتان، ويحصل في نهايتها المتدرب على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية فوكس وأكاديمية كن.