فنون الرد الذكي والدبلوماسي
يصادفنا في يومياتنا كثير من المواقف نقف فيها عاجزين عن الإجابة على سؤال قد يكون محرجاً، وحين نعود إلى البيت، تنهمر علينا الإجابات التي يفترض أن نكون قدمناها للسائل قبل ساعات، فنمتعض ونقول في سرنا “للأسف، لقد فات الأوان”.
تشخيص المشكلة بسيط، ولا يعدو عن كون الكثيرين منا يفتقدون للبديهة، أو سرعة الرد، الرد الذكي بطبيعة الحال. أما علاج المشكلة فبات في عصرنا هذا يحتاج للكثير من التعلّم الذي يضاف إلى المهارات الفطرية التي نمتلكها، والتي ميزت أجدادنا العرب في عصور غابرة حتى باتت مقولاتهم الردية، اليوم، مآثر نحدّث بها.
حيال ذلك، وضمن برامجها المعلنة لتطوير كل مجالات الحياة على اختلافها وتشعبها، تنظّم أكاديمية “كُن” دورة خاصة بفنون الرد الذكي والدبلوماسي تستخدم فيها كل ما توصل إليه العلم في خدمة هذا المجال.
وتطرح الأكاديمية في مقدمتها الجاذبة فكرةً تقول فيها إن الموهبة وحدها لا تكفي للجواب السريع في مواقف كثيرة في الحياة، مستندة في ذلك إلى تجارب كثيرة نعرفها جميعنا لكوننا نقع فيها في الواقع، بل يحتاج المرء في هذا الزمن للتعلم الأكاديمي ليغطي هذا النطاق الحساس جدا والمتعلق بقوة شخصيتنا.
الأكاديمية لا تطرح الرد الناعم وحسب، فهي لا تريد أن تعلم الناس الشرب من كأس واحد، أو أن تحدد لهم نوع المشروب المفضل لهم، بل تتعدى ذلك إلى تعليم الراغبين في إقفال هذا الملف في حياتهم، فن الرد، بمختلف أنواع الرد، سواء الهادئ أو الدبلوماسي، أو ما عداهما.
على ذلك، اختارت أكاديمية “كُن” الدكتور لؤي بدران، الخبير اللغوي، خريج اللغة العربية والأستاذ في جامعة زايد في الإمارات، كمدرب يقود الطلاب في هذه الدورة، مستندة إلى أرشيفه الزاخر بتجارب تحاكي نجاحات في هذا النطاق.
ولا تكشف الأكاديمية جديدا إذ تقول إن دورتها هي الأولى في العالم العربي وتعتمد كل الأساليب الكفيلة بدفع الناس إلى تنمية المهارة الفطرية في عملية الرد.
أما الدكتور لؤي بدران فيعرف عن نفسه في مقدمة خطبه الموجهة للطلاب، فيكشف عن خوضه غمار كتابة الخطابات الدبلوماسية والتصريحات الرسمية، وبكونه مدربا شخصيا في تطوير مستوى الفصاحة والحوار وإيتكيت الكلام لدى إعلاميين ودبلوماسيين ومتحدثين.
ثم يستهل محاضراته بتعهّد للطلاب بأن يضع بين أيديهم كل الأساليب التي جعلت العرب القدماء يمتلكون هذه المهارة في الرد البديهي.
ويبدأ بتعداد أنواع الردود ويوجزها في خمسة ” الرد الذكي، الرد الدبلوماسي، الرد المسكت، الرد المقنع، عدم الرد أصلا”.
يؤكد أن الأنواع الخمسة تحتاج للذكاء اللغوي، لذا، والكلام لبدران، سيتم العمل على تمارين وتدريبات عملية في الدورة نفسها تحاصر الفنون البلاغية المساعدة على مهارة الرد، ومن بين ذلك تبرز “حسن التعليل، حسن التخلص، الاحتراز، أساليب الاستدراك، ترقيع الكلام”.
ولدى الدكتور لؤي تدريبات على مواقف حياتية تحتاج إلى فطنة في كيفية التعامل وتتلخص ببضع أمور مثل: كيف أنتقد شخصا ما بطريقة مهذبة؟ كيف أنهي مكالمة هاتفية لا تعجبني؟ كيف أستخدم التلميح بدل التصريح؟ كيف أقول لا دون إحراج؟
بعد تلك التمارين سيبدأ الطالب باكتشاف الأسباب الكامنة وراء تأخرنا في إيجاد الرد المناسب في الوقت المناسب لتجاوز مشكلة ما. كما ويركز في الحديث عن أفضل الأوقات التي تناسب كل نوع من الردود. هذا يعني أن كل شيء في هذا المجال يجب أن يكون مدروساً بعناية فائقة.
في باب آخر، يطرح عنوان “تحسين القبح” هذا يعني بالضبط أن نقع في موقف محرج يصدر عنا فنحوله كلاميا في لمح البصر إلى شيء جميل وإيجابي. كم الأمر صعباً! وكم نفعل ذلك في العادة ونفشل في الإقناع؟ إن هذا يؤكد حاجتنا للتوجه نحو التعلم الأكاديمي لمسائل تتعلق بشخصيتنا ومواقف يومياتنا بالدرجة الأولى.
وفي ضوء الخوض في منهاج الدورة، يصل الدكتور اللغوي إلى طرح استراتيجيات الردود، ونكتشف أننا سنكون أمام عشر استراتيجيات نجيب بها عن كل سؤال لا نريد الإجابة عليه. من هنا يتبين أننا لسنا أمام جانب هامشي في الحياة، بل أمام مشكلة شخصية لا يمكن حلها إلا منهجيا وأكاديمياً.
حول قول كلمة لا. هذا بحر خاص. يكشف لنا الدكتور بدران أن العلماء جمعوا لنا أكثر من 150 طريقة لقول “لا” دون أن نشعر بالحرج من الطرف الآخر، ثم يسأل:” هل تعرفون طريقة واحدة من تلك المائة والخمسين طريقة؟”.
تلك من أهم المحاور التي يقوم عليها منهاج الدورة، الذي سينتقل به المحاضر إلى مستوى متقدم في فنون الرد والتي تسمى “المغالطات المنطقية”، أو ما تعني بمفهومنا الشائع “كيف أكون على صواب دائماً؟”.
يقارن الدكتور في منهاجه الحديث بين الرد الفطري “الموهبة” وبين تعلم ذلك أكاديمياً. يناقش الموهبة والتعلم في الناس فيقسمها إلى ثلاثة أقسام: قسم توجد فيه الموهبة لكنه لا يعرف بوجودها. وقسم ليس لديه الموهبة ويلزمه تعلمها. وقسم ثالث لديه موهبة ويعلم بها ويكتشفها أكثر فأكثر من خلال مجموعة أسئلة في الدورة.
يخلص في هذا البحث إلى أن الدورة تأتي بمنهاج يطور الموهبة ويساعد الشخص على معرفة تصنيفه في هذا المجال.
ما الذي سيتعلمه الطالب في هذه الدورة عموما؟ باختصار، سيتعرف على فنون الرد بين السهولة والصعوبة.. وكيف يكون الرد في التعلم أقوى منه في الموهبة؟.. وقانون الانحباس وكيفية التصرف.. أنواع الردود.. استراتيجيات الرد.. تحسين القبح.. مواجهة الهجوم.. الإجابات المفتوحة.. تشتت السائل.. السؤال الراجع والاحتراز.. استراتيجيات قول لا.
تلك هي الدورة التي تقع في ساعتين و10 دقائق وباللغة العربية، والتي في نهايتها يحصل الطالب على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية فوكس وأكاديمية كن المعترف بها في الشرق الأوسط.