إبداع
الأسس والتفاصيل في قواعد كتابة السيناريو
كتابة السيناريو، هي الأساس والهيكل الذي تبنى عليه صناعة الأفلام والدراما. بهذه المقولة تدخل أكاديمية “كُن” إلى شارع المهتمين بالسيناريو والحالمين بالوصول إلى مستوى رفيع في كتابته وصنع عالم السينما والدراما وذلك في تمهيدها للحدث الذي هو جزء من مجموعة أحداث، إن جاز التعبير، تهتم الأكاديمية في صوغها بعناية أكاديمية تسهّل من خلالها لكل مهتم بعالم الأدب واللغة والسيناريو والمال والتمثيل.. إلخ الدخول من بوابة علمية إليها.
ببساطة، الأمور باتت واضحة مع أكاديمية “كُن“، فعبر منصتها الإلكترونية تطرح دورتها، وبإشراف مباشر من الكاتب الشهير يوسف سليمان المعروف بتأليفه لمجموعة من النصوص السينمائية والدرامية، ووفق برامج محددة بدقة لا يمكن تبسيط أي منها، ذلك أن من يرغب في الوصول فعليه الحضور.
الأكاديمية عرّفت المشروع بأنه أساس وهيكل لبناء الأفلام والمسلسلات، وكذلك المسرح والوثائقي والتقرير التلفزيوني، لكنها أفردت المساحة لنفسها لتقول للطالب والمريد ما الذي يمكنها تقديمه له ” نعلِّم في أكاديمية كن الإشارات والمقومات الواجب توفرها للبدء بعملية الكتابة”. وتختزل ذلك في تبسيط الفكرة فتشير إلى أن هذه الإشارات وتلك المقومات هي قوة الخيال والرؤية الخاصة ورصد تداعيات الحدث“.
قوة الخيال والرؤية الخاصة ورصد التداعيات، هي ما سيتعلمه الطلاب في الأكاديمية على يد الأستاذ يوسف سليمان، لكن ماذا لو عرفنا أن القيم الثلاث ستصنع من المريد كاتبا لو أتقنها بشكل علمي؟!. من هنا يتبين لنا أن الأكاديمية لم تأتِ بأستاذ وتقول له “تصرّفْ“، بل هي، من خلال إعلانها، تؤكد أنها جاهزة لتكون رديفة ليوسف سليمان في عملية تصنيع الكاتب.
وتلامس الأكاديمية في معرض تعريفها عن دورتها، الجرح الذي يعاني منه كثيرون من الكتاب في العالم العربي، الأمر الذي تناولته الصحف لعقود وهو أزمة القراءة. من هنا تفتح “كُن” باب السؤال الذي لم تطرحه مباشرة بل يمكن فهمه لو فسرنا القصد. تقول الأكاديمية:” من أجل كتابة نصوص، عليك قراءة النصوص.. وكلما قرأت كلما كتبت أفضل”.
ألا توحي المقولة بأن “كُن” تسأل الراغبين بالكتابة للسينما والدراما عن مقدار القراءة لديهم؟.
ثم أن هناك وفي البحر نفسه دعوة للطلاب الذين يفترض أن ينتسبوا للدورة لأن يقرؤوا قبل أن يأتوا، لأن الدورة تقام على أساس أكاديمي وعلمي، ومن اللازم بمكان أن يأتي كل شخص وقد تهيأ في السابق لخوض غمار تجربة السيناريو.
أما في برنامج الأستاذ يوسف سليمان ” محاضر الدورة” فثمة ثلاثة أسئلة مهمة يستهل بها المشوار. والجميل أن الرجل، بطرحه للأسئلة ومن ثم طلبه للإجابات من الطلاب، يكون قد فتح باباً واسعا للحوار بينه وبين المريدين. هل هناك أقوى وأفضل وأنجع من دورة مبدؤها الحوار؟!
الأسئلة الثلاثة للأستاذ يوسف هي التالي:
كيف يمكن لي أن أعرف ما إذا كنت كاتب سيناريو؟
ما الإشارات اللازم توفرها عند كاتب السيناريو ليعرف أنه كاتب سيناريو؟
متى أدرك أنه علي البدء بكتابة السيناريو؟
يترك الأستاذ فرصة لكل الطلاب للإجابة، ثم يدخل بنفسه ليجيب عن الأسئلة الثلاثة بأسلوب السهل البسيط. يقول الأستاذ:” جواب السؤال الأول هو عندما أكون على درجة عالية من الخيال، فمن لا يملك الخيال لا يكتب السيناريو.. أما جواب السؤال الثاني فهو توافر الرؤية الخاصة حتى أستطيع بناء قصة.. والسؤال الثالث جوابه: عندما أمتلك نظرة لالتقاط حدث ما، بمعنى امتلاك رؤية، لبناء أحداث لهذه القصة”.
يحدد الأستاذ يوسف الحدود الخمسة للسيناريو والمتعارف عليها في كل مدارس العالم ويعددها بالتالي: سيناريو الفيلم السينمائي، سيناريو العمل الدرامي، سيناريو العمل المسرحي، سيناريو الفيلم الوثائقي، سيناريو التقرير التلفزيوني”.
ينتقل سليمان، إذّاك، لتوصيف كل نوع من السيناريو على حدا ويباشر بالنوع الأعلى قيمة “الفن السابع”، السينما، ويختصره بكلمتين “الصورة تتحدث”.
يستعرض الصفات العامة للسيناريو المكتوب للسينما ويختزل كل شيء بكلمات مبسطة لكنها جوهرية في عمل الكاتب وبخاصة المستجد.
يقول: السيناريو السينمائي اختصار للحوار واستفاضة في السيناريو. هذه المسميات معروفة لأي كاتب مبتدئ “الحوار هو كل كلمة يتلفظ بها الممثلون، والسيناريو هو الحركة والوصف الدقيق لكل شيء نراه على الشاشة”.
ويقول أيضا:” مهم جدا أن تكون الجمل المستخدمة ذكية، فلكونها مختصرة يجب أن تكون معبرة وبعيدة عن الحشو أو المبررات والتهديدات”.
يبرر ذلك بالقول إن لغة السينما رسائل وعليها تحريك المشاهد وجعله يبني التوقعات، ما يسميه هو “إشراك المشاهد في الفعل”.
نصل في برنامج الدورة إلى الخط الأساسي في السينما، وهنا سيكون الأمر مختلفا تماما عنه في العمل الدرامي. ففي السينما البطولة للشخص الواحد فقط، ويسميه يوسف سليمان بـ “البطل الأوحد”.
البطل الأوحد، بحسب يوسف، تبنى عليه كل القصة، وباقي ما نراه من تفاصيل وشخصيات يرتبطون به وقد ينفصلون عنه، لكن لا يجوز بالمطلق، حسب سليمان، أن يخطفوا الأضواء منه.
سيفاجأ الطالب بالتأكيد حين سيسمع في الفقرة التالية أنه قد لا يكون هناك بطل أوحد، في وقت سمع قبل قليل أنه لا يمكن وجود أكثر من بطل. هل وقعنا في التناقض؟ بالتأكيد لا. سيبرر الأستاذ يوسف على الفور بمجرد دخوله في القواعد الخاصة بكتابة السيناريو ويستهلها بالمعلومة المفيدة “قد يكون الفيلم هو البطل”. ويعطي مثالا قويا حول ذلك “هناك أفلام حازت جوائز دولية وأبطالها غير معروفين!”.
بيد أن الفيلم البطل سيكلف الكاتب المزيد من الجهد، لكون المشاهد يتابع 90 دقيقة فقط وهي مدة محدودة تمكّنه من متابعة كل شيء بدقة متناهية، بعكس ما لو أنه كان يتابع ثلاثين حلقة تلفزيونية “هناك، في السينما، على الكاتب التركيز على الحبكة بشكل تام”.
في هذه الأكاديمية نجد كل التفاصيل، وفي برنامج الأستاذ يوسف نجد الشروحات. سنبدأ بالسيناريو ونستهله بالأركان الثلاثة: البداية والنهاية وما بينهما الأحداث.. على أن يدور كل شيء حول البطل.
هنا تبدأ تحذيرات يوسف سليمان للطلاب: لا تكتبوا قبل أن تكونوا على معرفة تامة بالنهاية التي ستصلون إليها.. ثم لا تقترحوا نهايات جديدة غير النهايات التي حددتموها سابقا لدى خوضكم في التفاصيل، فالسينما تقوم، بالضرورة على معرفة النهايات مسبقا.
أليس هناك ما هو مسموح كتغيير؟ يجيب يوسف: بالتأكيد هناك مسموحات، ولكن في التفاصيل، لا بالبداية، ولا بالنهاية، بالتفاصيل فقط، وشرط ألا تمس الجوهر: “المشهد الكوميدي المقترح مسبقا، يبقى كوميديا بالضرورة.. قد نغير بعض تفاصيله، لكن لا يجوز التحول من كوميديا إلى فنتازيا في المشهد نفسه”. هذا على صعيد السينما وليس الدراما بطبيعة الحال.
تقوم أسس بناء السيناريو، وفق الأستاذ المحاضر، على ثلاثة تصنيفات: مقدمة الكتابة “الفكرة والملخص” ثم وصف تطور الشخصيات من كافة النواحي التنفسية والطبية والجسدية، ثم شرح بناء العمل السينمائي.
الفكرة بحسب البرنامج الموضوع للدورة هي روح العمل.. يجب تقديمها بإيجاز.
نأتي إلى اختيار الشخصيات، وضرورة اختيار الأسماء بعناية فائقة.. ثم وصف الشخصيات وتحولاتها وتغيراتها من كافة النواحي.
يخاطب يوسف الطلاب بحزم:” أنتم من سيخلق العالم الذي تدور فيه القصة، ولكم مطلق الحرية في ذلك.. لكن احذروا فأنتم تكتبون لكل الناس، وهناك الطبيب يشاهدكم فتعاملوا مع الشخصية المرضية بعلمية وليس وفق الخيال الشخصي الذي قد يقود إلى تدمير كل شيء”.
يعطي مثالا: شخصية رجل مشلول.. يجب أن تعرفوا كيف يجلس وكيف يمشي وكيف يفكر.. هذه النواحي تحتاج استشارات، لأن أي غلط سيحرض الناس ضدكم ويتهمونكم بالإساءة لفئة يتعاطف معها المجتمع!.
ثم نأتي إلى كيفية تطوير الشخصيات نفسيا، وحول ذلك يبرز مثال: كيف يتحول الشخص من مسالم إلى مجرم؟ ما الأشياء القادرة على صنع هذا التحول؟ كل هذا يجب أن يتضمنه النص وبالتفاصيل المسنودة بمبررات لكل حالة وكل شاردة وواردة.
عندما نصل إلى محطات العمل التي يتم تقسيمه بموجبها، نكون قد وصلنا إلى التفاصيل وتجاوزنا الأسس، وعندئذ سينطلق الكاتب في مشروعه نحو النجاح والنجاح وحسب.
يختم الأستاذ يوسف بالقول:” عندما تطبقون هذه الأسس والقواعد، سأدخل صالة السينما لأشاهد الفيلم الذي كتبتم نصه”.
يشار إلى أن مدة الدورة 3 ساعات ويحصل في نهايتها الطالب على شهادة إنجاز صادرة عن أكاديمية فوكس وأكاديمية كن، فيما اللغة المستخدمة في الدورة هي العربية.